responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 535
بِالْيَاءِ فَلَيْسَ بِقِرَاءَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِرَاءَةً، وَمَنْ صَرَّحَ بِهَا فَهُوَ لَاحِنٌ مُحَرِّفٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ مَعْنَاهُ قَاتِلُوا الْكُفَّارَ بِأَسْرِهِمْ، إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ الأئمة والسادة منهم الذكر، لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يُحَرِّضُونَ الْأَتْبَاعَ عَلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْبَاطِلَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ الْآيَةُ تُوجِبُ قَتْلَ الذِّمِّيِّ إِذَا أَظْهَرَ الطَّعْنَ فِي الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ عَهْدَهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَطْعَنُ، فَإِنْ طَعَنَ فَقَدْ نَكَثَ وَنَقَضَ عَهْدَهُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّهُمْ لَا أَيْمانَ لَهُمْ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ لَا أَيْمانَ لَهُمْ بِكَسْرِ الألف ولها وجهان: أحدها: لَا أَمَانَ لَهُمْ، أَيْ لَا تُؤَمِّنُوهُمْ. فَيَكُونُ مَصْدَرًا مِنَ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْإِخَافَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ كَفَرَةٌ لَا إِيمَانَ لَهُمْ، أَيْ لَا تَصْدِيقَ وَلَا دِينَ لَهُمْ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ جَمْعُ يَمِينٍ، وَمَعْنَاهُ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ. وَأَيْمَانُهُمْ لَيْسَتْ بِأَيْمَانٍ، وَبِهِ تَمَسَّكَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه فِي أَنَّ يَمِينَ الْكَافِرِ لَا يَكُونُ يَمِينًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّه يَمِينُهُمْ يَمِينٌ، وَمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَهُ: أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَفُوا بِهَا صَارَتْ أَيْمَانُهُمْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَيْمَانٍ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أيمانهم أيمان، أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهَا بِالنَّكْثِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا لَمَا صَحَّ وَصْفُهَا بِالنَّكْثِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ أي ليكن غرضكم في مقاتلتهم بعد ما وجد منهم ما وُجِدَ مِنَ الْعَظَائِمِ أَنْ تَكُونَ الْمُقَاتَلَةُ سَبَبًا فِي انْتِهَائِهِمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَهَذَا مِنْ غَايَةِ كَرَمِ اللَّه وَفَضْلِهِ عَلَى الإحسان.

[سورة التوبة (9) : آية 13]
أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قال: فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ [التوبة: 12] أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ السَّبَبِ الَّذِي يَبْعَثُهُمْ عَلَى مُقَاتَلَتِهِمْ فَقَالَ: أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَسْبَابٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُوجِبُ مُقَاتَلَتَهُمْ لَوِ انْفَرَدَ، فَكَيْفَ بِهَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ:
أَحَدُهَا: نَكْثُهُمُ الْعَهْدَ، وَكُلُّ الْمُفَسِّرِينَ حَمَلَهُ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي كُفَّارِ مَكَّةَ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ بَعْدَ عَهْدِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَعَانُوا بَنِي بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِتَالَ النَّاكِثِينَ أَوْلَى مِنْ قِتَالِ غَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ لِيَكُونَ ذَلِكَ زَجْرًا لِغَيْرِهِمْ، وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَوْكَدِ مَا يَجِبُ الْقِتَالُ لِأَجْلِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ إِخْرَاجُهُ مِنْ مَكَّةَ حِينَ هَاجَرَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ الْمُرَادُ مِنَ الْمَدِينَةِ لِمَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَشُورَةِ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى قَصْدِهِ بِالْقَتْلِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هَمُّوا بِإِخْرَاجِهِ مِنْ حَيْثُ أَقْدَمُوا عَلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى الْخُرُوجِ وَهُوَ نَقْضُ الْعَهْدِ، وَإِعَانَةُ أَعْدَائِهِ، فَأُضِيفَ الْإِخْرَاجُ إِلَيْهِمْ تَوَسُّعًا لِمَا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنَ الْأُمُورِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ إِمَّا بِالْفِعْلِ وَإِمَّا بِالْعَزْمِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الفعل بتمامه، وثالثها: قوله: وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ يَعْنِي بِالْقِتَالِ يَوْمَ بَدْرٍ، لِأَنَّهُمْ حِينَ سَلِمَ الْعِيرُ قَالُوا:
لَا نَنْصَرِفُ حَتَّى نَسْتَأْصِلَ مُحَمَّدًا وَمَنْ مَعَهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَرَادَ أَنَّهُمْ قَاتَلُوا حُلَفَاءَ خُزَاعَةَ فَبَدَءُوا بِنَقْضِ الْعَهْدِ، وهذا قول الأكثرين، وإنما قال:
بَدَؤُكُمْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْبَادِئَ أَظْلَمُ، وَلَمَّا شَرَحَ تَعَالَى هَذِهِ الْمُوجِبَاتِ الثَّلَاثَةَ زَادَ فِيهَا، فَقَالَ: أَتَخْشَوْنَهُمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 15  صفحه : 535
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست